البست في صيام يوم السبت

ا.م.د. عبد القادر المحمدي

جاء حديث النهي عن إفراد صوم السبت في غير الفريضة من طرق مختلفة عن عبد الله بن بسر عن أخته في أبي داود والنسائي والترمذي ،ومن هذه الأحاديث التي يستدل بها القائلون بمنع صيامه إلا فيما افترض :

ما أخرجه الترمذي فقال:حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :”لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ”.

قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمَعْنَى كَرَاهَتِهِ فِي هَذَا أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ يَوْمَ السَّبْتِ بِصِيَامٍ لِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ.

وهذا الحديث لم يشتهر إلا من رواية أهل حمص، وقد اختلف في روايته اختلافاً كثيرا، وأشهر هذه الروايات ما روي (((عن ثور بن يزيد)))، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بُسر، عن أخته.

وقد اختُلف على(( ثور)):

  • فأخرجه أبو داود والترمذي  والنسائي في الكبرى  وابن ماجه  وغيرهم من طريق سفيان بن حبيب عنه به.

2- وأخرجه  أبو داود   وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني   وغيرهما من طريق الوليد بن مسلم عنه به.

3- وأخرجه  النسائي في الكبرى 3/210 ( 2775) والطبراني في الكبير (24/330)  من طريق أصبغ بن زيد،عنه به.

4- أخرجه النسائي في الكبرى من طريق عبدالملك بن الصبّاح،عنه به.

5- وأخرجه  أحمد  والدارمي وابن خزيمة ،والطحاوي، والطبراني في الكبير وغيرهم من طريق أبي عاصم،عنه به.

6- أخرجه الطبراني في الكبير من طريق الفضل بن موسى،عنه به  ,

7-وأخرجه  الطبراني في الكبير بسند واه عن قرة بن عبدالرحمن،عنه به.

كلهم  عن ثور بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبدالله بن بُسْر السلمي، عن أخته الصمّاء به.

 

 وروي الحديث من وجه آخر عن عبد الله بن بسر مرفوعاً دون ذكر أخته الصماء.

1- أخرجه النسائي في الكبرى،  وابن ماجه ،وعبد بن حميد  وغيرهم، من طرق عن عيسى بن يونس، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر به مرفوعاً.

قال أبو نعيم: غريب من حديث خالد، تفرد به عيسى عن ثور.

 2-وروي عن عبد الله بن بسر عن أمه مرفوعاً –بزيادة أمه-.

  وهذه غير محفوظة ، إذ المحفوظ عن ثور: روايته عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء مرفوعا.كما سبقت.

 

ثانياً: رواية  بقية بن الوليد اختُلف عليه  أيضاً فيها ،على النحو الآتي:

1- قال بقية بن الوليد، حدثنا ثور، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن عمته الصماء به.أخرجه النسائي في الكبرى: أخبرنا سعيد بن عمرو عن بقية به.

2- ورواه بقية من وجه آخر: قال بقية: حدثني الزُّبيدي، حدثنا لقمان بن عامر، عن عامر بن جَشيب، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بُسر مرفوعاً.أخرجه النسائي في الكبرى والطبراني في مسند الشاميين.

 3-ورواه بقية من وجه آخر:وليس فيه ذكر الصماء كا في تهذيب الكمال.

4- ورواه بقية من وجه آخر: قال حدثني الزبيدي قال حدثني لقمان بن عامر عن عامر بن جشيب عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بشر.أخرجه النسائي في الكبرى .

 

وهناك اختلاف كبير أيضا ً إذ رُوي عن بقية والزبيدي من وجه لا يشبه وجها ذكرها أحمد

فمرة عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن خالته الصماء مرفوعاً أخرجه النسائي في الكبرى .  وأخرجه أحمد في المسند  عن خالد، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء مرفوعا.

وكذلك  ورواه الطبراني في الكبير من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبدالله بن دينار عن أبي أمامة مرفوعا!

واختُلف أيضاً على الزبيدي غير ما سبق:أخرجه  النسائي في الكبرى وغيره عن الزبيدي، عن الفضيل بن فضالة، عن عبدالله بن بسر عن خالته الصماء مرفوعا.

  وروي من وجه آخر عن الزبيدي:

فرواه النسائي وغيره  من طريق أبي التقي عبدالحميد بن إبراهيم، ثنا عبدالله بن سالم، عن الزبيدي، ثنا الفضيل بن فضالة، أن خالد بن معدان حدثه، أن عبدالله بن بسر حدثه، أنه سمع أباه يرفعه.

قال النسائي عقبه: أبو التقي هذا ضعيف ليس بشيء، وإما أخرجته لعلة الاختلاف.

قلت: لكن رواه الطبراني في الشاميين (3/100) وفي الكبير (2/31 رقم 1191) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي، عن عمرو بن الحارث، عن عبدالله بن سالم  

 

ومن الاختلاف على خالد بن معدان:

ما رواه النسائي في الكبرى :عن داود بن عبيد الله، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء، عن عائشة مرفوعا.

 

وروي عن عن حسان بن نوح، عن عبدالله بن بسر واختلف عليه:

ورواه النسائي في الكبرى وغيره من طريق مبشر بن إسماعيل، عن حسان بن نوح، عن عبدالله بن بسر أنه سمع رسول الله صلى الله وسلم.

ورواه النسائي في الكبرى،  وابن خزيمة (3/317)  وغيرهما  من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن ابن عبدالله بن بسر، عن أبيه، عن عمته الصماء أخت بسر مرفوعا.

وسقط في مطبوعة صحيح ابن خزيمة “ابن عبدالله بن بسر”، والتصويب من إتحاف المهرة (16/996)

ومعاوية حمصي ثقة له غرائب وإفرادات، وابن عبدالله بن بسر مبهم في جميع المصادر، وكذا في تاريخ البخاري (8/442) والجرح والتعديل (9/324)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، بل نص الذهبي أنه لا يُعرف. (الميزان 4/593)

   فهذه بعض الطرق التي وقع فيها اختلاف وهناك اختلاف كبير جدا ذكره الإمام النسائي في الكبرى فلينظر لزاماً.

ولتلخيص الطرق نقول:

روي الحديث عن عبدالله بن بسر على أوجه كثيرة مختلفة، فرواه عنه خالد بن معدان، واختُلف عليه، فرواه عنه ثور بن يزيد، وعامر بن جشيب، ولقمان بن عامر، واختُلف على كل منهم.

أما ثور فروى جماعة عنه عن خالد، عن ابن بسر، عن أخته الصماء مرفوعا.

ورُوي عنه عن خالد، عن عن ابن بسر، عن أمه الصماء.

ورُوي عنه عن خالد، عن ابن بسر، عن عمته.

والمحفوظ عن ثور الرواية الأولى.

ورواه عامر بن جشيب فاختلف نفس الرواة في الإسناد إليه عن خالد، عن ابن بسر مرفوعا،

ومن الرواة عن عامر: لقمان بن عامر، ورُوي عن لقمان، عن خالد، عن ابن بسر، عن خالته الصماء.

ورُوي عن لقمان، عن خالد، عن ابن بُسر، عن أخته. ليس فيهما عامر بن جشيب.

وهذه الطرق الثلاثة اختلف فيها بقية بن الوليد والزبيدي الحمصيان.

واختلف على الزبيدي سوى ما سبق، فرُوي عنه عن فضيل بن فضالة، عن خالد، عن ابن بسر، عن أبيه، وهذا منكر.

وروي عنه، عن فضيل، عن ابن بسر، عن خالته الصماء. ليس فيه خالد بن معدان.

وثمة طريق رابع إلى خالد بن معدان، رواها عنه داود بن عبيد الله، عنه، عن ابن بسر، عن أخته، عن عائشة مرفوعا، وهذا منكر.

فالرواية عن خالد بن معدان مضطربة، وأمثلها رواية ثور عنه.

ورُوي الحديث عن حسان بن نوح، واختُلف عليه:

فروي عنه عن عبدالله بن بسر مرفوعا.

ورُوي عنه عن عمرو بن قيس، عن عبدالله بن بسر.

وروي عنه عن أبي أمامة مرفوعا.

 والحديث رواه أيضا معاوية بن صالح عن ابن عبدالله بن بسر، عن أبيه، عن عمته، وهذا ضعيف.

وروي عن يحيى بن حسان عن عبدالله بن بسر مرفوعا، رواه عنه الوليد بن مسلم، وهذه رواية شاذة عنه.

ورُوي الحديث بلفظ مغاير عن أبي عامر الغبري، عن عبدالله بن بسر موقوفا عليه، وسنده جيد.

ورُوي باللفظ المغاير من طريقين عن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وكلا الطريقين اختلاف على راو ضعيف.

ورُوي من وجهين منكرين عن أبي أمامة مرفوعا، تقدم أحدهما.

فتحصل  مما تقدم أن في الحديث اختلافاً شديداً، حتى إذا استبعدنا أحاديث ومخالفات الضعفاء يبقى الحديث مضطربا عن الثقات أنفسهم، وكلهم من بلد واحد، وقد نص النسائي وابن حجر على أن الحديث مضطرب، ومع الاختلاف والضعف في المرفوع نجد أنه رُوي موقوفا بإسناد نظيف ولفظ مختلف، فهاتان علتان تكفيان للقدح في الحديث، كيف وقد تتابع حُذّاق الأئمة على إنكار هذا الحديث منذ وقت مبكر؟

ودونك أقوال العلماء في الحديث:

 أعله ابن شهاب الزهري، فنقل عنه ابو داود أنه كان إذا ذُكر له أنه نهي عن صيام يوم السبت يقول: هذا حديث حمصي.

وأصرح منه ما رواه الطحاوي (2/81) من طريق عبدالله بن صالح كاتب الليث، ثنا الليث بن سعد به بأتم منه، ولفظه: سئل الزهري عن صوم يوم السبت، فقال: لا بأس به، فقيل له: فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كراهته، فقال: ذاك حديث حمصي.

قال الطحاوي عقبه: فلم يعدّه الزهري حديثا يُقال به، وضعَّفه.

 ولم ينفرد الزهري من المتقدمين بإعلاله، فروى أبوداود  -ومن طريقه البيهقي- بسند رجاله ثقات عن الأوزاعي -وهو شامي- أنه قال عن الحديث: ما زلتُ له كاتما حتى رأيتُه انتشر.

  ونقل أبوداود  عن الإمام مالك قوله: هذا كذب.

وقال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله [يعني أحمد بن حنبل] يُسأل عن صيام يوم السبت يتفرد به؟ فقال: أما صيام يوم السبت ينفرد به فقد جاء في ذلك الحديث حديث الصماء. يعني حديث ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالله بن بسر، عن أخته الصماء، عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم”. قال أبوعبد الله: فكان يحيى بن سعيد ينفيه، وأبى أن يحدثني به، وقد كان سمعه من ثور. قال: فسمعته من أبي عاصم.

قال الأثرم: وحجة أبي عبدالله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بسر.. ثم سرد الأثرم الأحاديث.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عقبه: واحتج الأثرم بما دل من النصوص المتواترة على صوم يوم السبت، ولا يُقال يحمل النهي على إفراده، لأن لفظه: “لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم”، والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أن الحديث يعم صومه على كل وجه، وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى، فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة، فإنه بيَّن أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذا غير محفوظ وإما منسوخا، وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه، كالأثرم وأبي داود.. الخ كلامه.

ثم نقل ابن تيمية كلام وحجة من قواه، وخلص في النهاية إلى خلاف هذا الحديث. (اقتضاء الصراط المستقيم 2/72-75 وبعده إلى 81)، ونقله بطوله ابن القيم، وأقر كلام شيخه في تهذيب السنن 3/297-298 ، وإن كان مال في زاد المعاد إلى التوفيق بينه وبين الأحاديث المخالفة. (2/79-80)، وكذلك نقل ابن مفلح كلام شيخه ابن تيمية مختصرا جدا، وأقره. (الفروع 3/92 )ة .

وقال أبو داود: هذا حديث منسوخ، وزاد في رواية ابن العبد: نَسَخه حديث جويرية، وقد أتبع أبو داود الحديث بحديث جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: صمتِ أمس؟ قالت: لا، فقال: أتريدين أن تصومي غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري.

وحديث جويرية هذا رواه البخاري.

 وقال النسائي: الحديث مضطرب، نقله المنذري في مختصر السنن (3/300) وابن القيم في الزاد (2/79) وابن مفلح في الفروع (3/92) وابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/337) وابن حجر في التلخيص الحبير (2/216)، ولم أجده في موضعه من السنن الكبرى للنسائي، ولكنه قال :باب الرخصة في صيام يوم السبت وجاء بحديث جنادة الأزدي .

وقال الطحاوي:  “في هذه الآثار المروية في هذا إباحة صوم يوم السبت تطوعا وهي أشهر وأظهر في أيدى العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم عاشوراء وحض عليه ولم يقل إن كان يوم السبت فلا تصوموه ففي ذلك دليل على دخول كل الأيام فيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الصيام الى الله عز وجل صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى ففي ذلك أيضا التسوية بين يوم السبت وبين سائر الأيام وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا بصيام أيام البيض وروى عنه في ذلك ما

وقال البيهقي في فضائل الأوقات (307): إن صح هذا الخبر.

وقال أبو بكر ابن العربي: وأما يوم السبت فلم يصح فيه الحديث، ولو صح لكان معناه مخالفة أهل الكتاب. (القبس شرح الموطأ 2/514)

وقال ابن حجر في التهذيب 8/174: الحديث معلول بالاضطراب.وقال في 12/326: الحديث فيه اضطراب شديد. وردَّ ابن حجر في التلخيص الحبير  2/216  على من رجح بعض الأوجه في رواية الحديث قائلا: “لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه وينبئ بقلة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث؛ فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه، وليس الأمر هنا، كذا بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا”

 وقال الشيخ ابن باز: حديث منسوخ أو شاذ، لأن الأحاديث الصحيحة المحكمة قد دَلَّت على شرعية صيامه مع الجمعة أو مع الأحد في غير الفرض، وهي أحاديث صحيحة وكثيرة، وفيه علة أخرى أيضاً: وهي الاضطراب. (التحفة الكريمة 61)

أما من صحح الحديث:

استدل من صححه بقول الترمذي: حديث حسن .

والحسن عند الترمذي نص الذهبي وابن حجر أنه لا يراد منه الحسن الشائع في زمانه.

والذي ترجح لنا بعد استقراء مطول أنه يريد به الحديث المعلّ ،وهذا الحديث يدل على ذلك،والله أعلم.فلا عبرة بتصحيحه اعتمادا على تحسين الترمذي وليس المكان مكان تفصيل.

وأورده ابن السكن في صحيحه (البدر المنير 5/760)، وكذا ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء.

وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وقال إنه معارَض بإسناد صحيح.. فذكر حديثي جويرية وأم سلمة في صيام السبت.

 وقال الموفق ابن قدامة: حديث حسن صحيح. (الكافي 1/363)

وتعقب النووي وابن عبدالهادي قول أبي داود بالنسخ وتكذيب مالك للحديث. (المجموع 6/451 والمحرر 647)

وقال الذهبي عن طريق ثور: إسناد صالح حسن. (مهذب سنن البيهقي 4/1681)، وقال عن طريق حسان بن نوح عند النسائي: إسناد صالح. (تاريخ الإسلام 10/126)، وقال أيضا: يحمل الحديث على أنه كان يصوم معه يوما. (تنقيح التحقيق 1/396)

 وقال العراقي: حديث صحيح. (الأربعون العشارية 17)

وقال ابن الملقن: والحق أنه حديث صحيح غير منسوخ. (البدر المنير 5/763)، ونص أنه يُحمل على إفراد السبت فقط.

وهنا تنبيه مهم: فعلى فرض ثبوت الحديث وأنه غير منسوخ فهذا أغلب من صححه رأى أن النهي ليس مطلقا، بل هو مخصوص بإفراد السبت، وبعضُهم نص أنه معارَض بالصحيح، فينبغي لمن يحتج بتصحيحهم أن يراعي فقههم للحديث، فإنه لذلك لم يستنكروه.

وقد ذهب الشيخ الألباني لتصحيح الحديث في إرواء الغليل (رقم 960) وطول النفس فيها،ولكني أجد الشيخ تكلف في تصحيح الحديث .

 والخلاصة  :

هي أنّ الحديث لا يصح لاضطرابه وشذوذه ،وإن سلم منه فهو منسوخ، مع التنبيه أن غالب من تساهل وصحح الحديث لم يأخذ بظاهره، بل حمله على إفراد السبت بالصوم.

وصيام يوم  السبت لهذا العام –ولغيره- صحيحاً على كلا المذهبين ،فالأول أباح مطلقاً ،والثاني منعه بافراده وجوزه إذا سبق بيوم أو تبع بيوم والسنة هي صيام التاسع والعاشر أي يومي الجمعة والسبت