الفوائد في آداب الموائد

الفوائد في اداب الموائد

الفوائد في اداب الموائد

 

  • إذا جلستَ إلى مائدةٍ فأقبلْ عليها بكلك، ولا تقبلْ عليها بطرفك وجانبك.
  • لا ترفعْ رجلك فوق الكرسي.
  • ابدأ بغسل يديك بالماء والصابون، ونشِّفهما.
  • للخبز كرامةٌ فلا تضع الرغيف على سطح الطاولة وتقسم منه لقمةً بيد واحدة.
  • ارفعْ نظرك عن الطعام، واستمعْ ما يُقال لك.
  • إذا كان في الطعام ما لا يُؤكل فاتخذ للعظم وأشباههِ صحنًا خاصًا، أو ضعْ منديلًا وضع عليه تلك الأشياء، وغيّب النوى المستخرجَ من الفم -كنوى الزيتون مثلًا- عن أعين مجالسيك.
  • قم عن المائدة ودعها كما أقبلتَ عليها.
  • لا تمسحْ شفتيك من بقايا الطعام بالخبز.
  • لا تتمضمضْ لتغسل فمك من بقايا الطعام بين الآكلين.
  • لا تستأثرْ بشيءٍ من الطعام دون الآخرين.
  • لا تكبرْ لقمتك، ولا تعجلْ عجلةً تجعلك موضعَ نقد.
  • انتبهْ لحمل الملعقة، واجعلْ يدك من طرفها الأدنى إليك، ولا تجعل الملعقةَ من طرفك.
  • إذا كان في الطعام مرقٌ فاستعمل المغرفة الكبيرة، ولا تُدخل ملعقتك في المرق فتفسده على الآخرين.
  • إذا كان في الطعام لحمٌ ولا يوجد سكينٌ فلا تقطعْ منه بملعقتك، بل استخدم يديك.
  • حافظْ على كرسيك المخصص لك، ولا تعتدِ على كراسي الآخرين ممن يشاركونك المكان من إخوةٍ أو زملاء.
  • لا تكنْ فجًا في نقد طعامٍ، أو إظهار عيبٍ فيه، أو خطأ في الطهي.
  • لا تظهرْ صوتًا في مضغك.
  • اشكرْ مَنْ أعدَّ لك الطعام مِن والدةٍ، أو أختٍ، أو أخٍ، أو خادم.
  • ليكن مظهرك جميلًا، فلا تأت إلى مائدة الفطور -مثلًا- وأنت ثائرُ الشعر، مفتوح أزرار لباس النوم.
  • لا تدعْ في صحنك بقايا طعام.
  • لاحظْ أظافرك وتعهدها بالقص والنظافة، فإنها ستبدو منك عند الطعام.
  • ابدأ بالتسمية واختم بالحمد.
  • إذا كان لديك ضيوفٌ فقدمْ لهم معالق غير التي تستخدم للأسرة، وراقبْ تفاصيل المائدة دفعًا للقذى والأذى، وقدمْ لهم مناديلَ ورقيةً لمسح أيديهم بدلًا من المنشفة الواحدة المشتركة.
  • قد تجد في الطعام شعرة أو شيئًا مما تكرهُ فتصرفْ بكياسةٍ ولا تظهر هذا للآخرين، وإذا كنتَ تجد حساسية من ذلك فانسحبْ بلطفٍ.
  • تعاهدْ شاربك فإن أثر الطعام والشراب عليه مستقبحٌ.
  • إذا فرغتَ فاحمل صحنك وملعقتك إلى مكان الغسل المعد لذلك.
  • إذا كانت المغسلة قريبةً مِن مكان الطعام فاحذرْ أن تُخرج صوتًا غير مناسب، أو تزيل أذى الأنف بصوت.
  • لا تغسل يديك في مغسلة الصحون والأواني، ولا سيما إذا كان فيها شيء من ذلك.
  • لا تتركْ في المغسلة آثارًا من معجون الأسنان.
  • التاريخ يرصدُ الصور الجميلة للآكلين، والصور المنتقدة، ومن الأولى طريقة الإمام الطبري في تناول الطعام، ومن الثانية خبر أبي رياش القيسي، وأبي الفرج الأصبهاني، فكن على حذر. وأنقل خبر الآخرين فأقول:

قال ياقوت في ترجمة الأديب أبي رياش أحمد بن إبراهيم (ت: 339)، في “معجم الأدباء” (1/ 182):

«دعاه أبو يوسف البريدي والي البصرة إلى مائدته، فلما أخذ في الأكل مدّ يده إلى بضعة لحم فانتهشها، ثم ردّها إلى القصعة، فكان بعد ذلك إذا حضر مائدته أمر بأن يهيأ له طبق ليأكل عليه وحده.

ودعاه يومًا المهلبي الوزير إلى طعامه، فبينما هو يأكل إذ امتخط في منديل الغَمَر [يُستعمل لمسح الأيدي بعد الأكل] وبصقَ فيه، ثم أخذ زيتونة مِن قصعة فغمزها بعنفٍ حتى طفرتْ نواتها فأصابتْ وجه الوزير، فتعجّب مِن سوء أدبه، واحتمله لفرط علمه”.

وقال في ترجمة أبي الفرج (4/ 1709-1710):

“حدث الرئيس أبو الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابىء في الكتاب الذي ألَّفه في “أخبار الوزير أبي محمد المهلبي” [291 – 352] قال: كان أبو الفرج الأصفهاني صاحب “كتاب الأغاني” [284 – 356] مِن ندماء الوزير أبي محمد الخصّيصين به، وكان وسخًا قذرًا لم يَغسل له ثوبًا منذ فصّله إلى أنْ قطّعه، وكان المهلبي شديدَ التقشّف، عظيمَ التنطّس [أي التقزز]، وكان يَحتمل له ذلك لموضعه من العلم…

وكان الناس على ذلك العهد يحذرون لسانه ويتقون هجاءه، ويصبرون في مجالستهِ ومعاشرتهِ ومواكلتهِ ومشاربتهِ على كلّ صعبٍ من أمره، لأنه كان وسخًا في نفسه ثم في ثوبه وفعله، حتى إنه لم يكن ينزع دراعة يقطعها إلا بعد بلائها وتقطيعها، ولا يَعرف لشيء من ثيابه غسلًا، ولا يطلب منه في مدة بقائه عوضًا؛ فحدَّثني جدي، -وسمعتُ هذا الخبر مِن غيره، لأنه متفاوَض متعاوَد-، أنَّ أبا الفرج كان جالسًا في بعض الأيام على مائدة أبي محمد المهلبي، فقُدّمت “سكباجةٌ” [مرق يُعمل من اللحم والخل] وافقتْ من أبي الفرج سعلةً، فبدرتْ مِن فمه قطعةٌ من بلغم فسقطتْ وسط الغضارة، فتقدَّم أبو محمد برفعها وقال: هاتوا مِن هذا اللون في غيرِ هذه الصحفة. ولم يبنْ في وجهه إنكارٌ ولا استكراهٌ، ولا داخلَ أبا الفرج في هذه الحال استحياءٌ ولا انقباضٌ؛ هذا إلى ما يَجري هذا المجرى على مضيّ الأيام.

وكان الوزير أبو محمد عزوفَ النفس بعيدًا من الصبر على مثل هذه الأسباب، إلا أنه كان يتكلّفُ احتمالَها لورودها من أبي الفرج.

وكان مِن ظرفهِ في فعله ونظافته في مأكله أنه كان إذا أراد أكلَ شيء بملعقة كالأرز واللبن وأمثالهِ وقفَ مِن جانبه الأيمن غلام معه نحو (ثلاثين) ملعقة، زجاجًا مجرودًا، وكان يستعمله كثيرًا، فيأخذ منه ملعقةً يأكلُ بها من ذلك اللون لقمةً واحدةً، ثم يدفعها إلى غلام آخر قائم من الجانب الأيسر، ثم يأخذُ أخرى فيفعل بها فعل الأولى، حتى ينالَ الكفاية، لئلّا يعيد الملعقة إلى فيه دفعة ثانية.

فلما كثُر على المهلبي استمرارُ ما قدّمنا ذكرَه جَعل له مائدتين: إحداهما كبيرة عامّة، وأخرى لطيفة خاصة، وكان يُواكله عليها مَنْ يدعوه إليها”.

وبعد: فنحن مدعوون كلنا إلى قراءة الهدي النبوي في الطعام والشراب، والمؤاكلة والمشاركة، وفي ذلك أرقى الآداب.

د. عبد الحكيم الانيس